الأحد، 27 أبريل 2014

المؤتمر الواحد والثلاثين للجاليات الإسلامية بفرنسا: أي مكان للأسرة؟

الأستاذ/ إيدوم ولد عبد الجليل
idoumab@yahoo.fr


يعيش في فرنسا جاليات إسلامية تزداد أعدادها بشكل مستمر وتشير إحصائيات الدولة الرسمية إلى قرابة ست ملايين مهاجر من البلدان المغاربية وحدها إلا أن عدد المسلمين بشكل عام لم يُحدد إحصائيا بشكل دقيق.

وتعيش هذه الجالية وسط مجتمع يشهد تطورات اجتماعية وفكرية متسارعة باتت تطرح تحديات أخلاقية وعقدية، ومن هذه التحديات ما يعرف "بنظرية النوع" و"الزواج للجميع" و"بديهيات المساواة" وكلها تطورات تقلق الجالية لما لها من انعكاسات على قيمهم ومعتقداتهم.

وفي ظل هذا الوضع لم يأتي اختيار موضوع المؤتمر من فراغ واختار له منظموه هذه السنة أن يعقد تحت شعار "أي قيم للعائلة في عالم متغير؟ الإنسان، الأسرة والتعايش الجماعي.

وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر البورجى يعد اليوم أكبر تجمع للمسلمين يعقد في بلد غربي وينظمه
اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، وهو تقليد سنوي دُرج عليه منذ العام 1988، كما أصبح يعرف عادة "بمؤتمر البورجى" نسبة لمكان انعقاده الاعتيادي وهو معرض البورجى الباريزي الضخم.

وكان في صلب اهتمامات الملتقى الذي أسدل الستار عليه يوم الاثنين الماضي مواضيع قيم الأسرة والإنسان والتعايش الجماعي وهي المواضيع التي أسهب المتدخلون والمحاضرون في تناولها، وكما يقول بيان اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا وهي التي تنظم هذا الملتقى السنوي: "إن هذه المواضيع هي أكثر من قيم بل هي محددات نعتقد أن على كل إنسان أن يتمسك بها حتى يضع لنفسه وللمجتمع الذي يعيش فيه أسس السعادة الدائمة"
لقد جمع هذا الملتقى هذه السنة حسب التقديرات قرابة 150 ألف زائر تجولت في فضاءات عرض تصل إلى 20000 متر مربع وهو ما شكل تراجعا نسبيا في عدد الزائرين بالمقارنة مع السنة الماضية التي وصل عدد الزوار فيها نحو 170 ألف، ويعود هذا التراجع النسبي إلى إلغاء الجهات الأمنية لخدمة نوم الزوار القادمين من خارج باريس ومن الدول الأوروبية في إحدى القاعات الكبرى للمعرض والتي كانت تخصص لهم في اللقاءات السابقة. 

شخصيات كثيرة وقامات من عالم الثقافة والفكر حضرت لتقديم مداخلاتها حول المواضيع التي اختارها المؤتمر، ومن هذه الشخصيات نذكر المفكر والفيلسوف الإسلامي طارق رمضان وهاني رمضان رئيس المركز الإسلامي في جنيف والجامعي الفرنسي رافائيل ليونيي وكريستوف روكو مدير الخدمة الوطنية للعلاقات مع الإسلام في مؤتمر أساقفة فرنسا وباسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية، يضاف إليهم شخصيات فكرية وكنسية مثل غالب بن شيخ، طارق أوبرو، جميل ولد منصور، عمر عبد الكافي، عبد الله بن منصور والأب ميشيل لولون (رئيس القساوسة البيض والمهتم بالحوار بين الديانتين الإسلامية والمسيحية) وكان أيضا من بين المتدخلين ميشيل ديبوست وعز الدين غاسي وآخرون...

قلق بشأن الأسرة


كان موضوع الأسرة هو الموضوع الرئيس لهذا الملتقى وقد خصص جناح خاص للعائلة في المعرض هذه السنة، وتدخل العديد من علماء ومختصي علم النفس حول مواضيع مثل "قيم الأسرة والتحديات المعاصرة" "نقل قيم الإسلام إلى الأبناء" "التربية الجنسية للأطفال وما بعد سن المراهقة" 

ويقول عمر الأصفر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا بأن موضوع الأسرة لم يتم اختياره اعتباطا معربا عن قلق مسلمي فرنسا تجاه مواضيع تطرح حاليا في المجتمع الفرنسي مثل زواج مثيلي الجنس ويقول في هذا الصدد بإن المواضيع تكون لصيقة بتطورات المجتمع الراهنة، وإن الزواج للجميع ونظرية النوع وغيرها تسيئ إلى ديننا وهذا ما يقلقنا.

ويشار في هذا السياق إلى أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية كان قد أعرب في موقف له عام 2012 عن معارضة الديانة الإسلامية للزواج بين مثيلي الجنس.

وخلال تجاذب لأطراف الحديث قال لنا محمد حناشي الأمين العام لاتحاد الجمعيات الإسلامية في مقاطعة السان سان دينى بأن زواج مثيلي الجنس ونظرية النوع تثير مخاوف كبرى في أوساط المسلمين لما لها من ضرر على الخلية الأساسية للمجتمع التي هي الأسرة.

إيدوم عبد الجليل
باريس 27 إبريل 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق