شاهدنا ريبورتاج قبل أيام في القناة الإخبارية الفرنسية BFM TV حول الحرب الأهلية في هذا البلد الذي يعيش مأساة سيزيفية، إذ بعد أكثر من عشرة أشهر من الاقتتال والتناحر الطائفي تحول البلد إلى مسرح مفتوح للموت والنهب والتشريد.
ميليشيا السيليكا والأنتي بالاكا عاثت فسادا في الأرض والرئيس المقال ميشيل دجوتوديا لم يستطع فعل شيء رغم حله قبل تنحيه عن السلطة لحركة التمرد التي
أوصله إلى سدة الحكم في شهر مارس 2013 وذلك في محاولة يائسة منه لتثبيت مشروعيته على المستوى الخارجي أما مشروعيته الداخلية فلم تقم أصلا.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الأزمة الحالية تعد الحرب الأهلية الثالثة التي يشهدها البلد، وهي حرب تدور رحاها أساسا بين ميليشيا السيليكا المكونة في غالبية عناصرها من مسلمين مساندين للرئيس المقال ميشيل دجوتوديا ومن جهة أخرى ميليشيا مسيحية تعرف بميليشيا الدفاع الذاتي أوالآنتى بالاكا تساندها عناصر سابقة من الجيش وهم يناصرون الرئيس السابق فرانسوا بوزيزي الذي طرد من السلطة في شهر مارس 2013 بعد الانتصار العسكري للسيليكا.
وقد آلت الأمور إلى أزمة إنسانية تمثلت في قتل المدنيين من الطرفين تشهد عليها مجازر بوالي ولوهونغ، وقد ذكرت مصادر منظمة هومن رايت ووتش أن 34 قرية تم حرقها بالكامل إضافة إلى تدمير آلاف المنازل وقتل مئات المدنيين.
وذكرت فاليري آمور الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة المكلفة بالشؤون الإنسانية أن عدد النازحين بلغ في شهر ديسمبر الماضي 415000 نازح كما أضافت أن 1300000 شخص بحاجة إلى العون الغذائي أي ما يقارب نصف سكان البلد.
أما أرقام اليونيسيف فتذكر أن عدد اللاجئين وصل إلى 480000 لاجئ.
وقد دفع تصاعد المواجهات مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ قرار رقم 2127 يوم 5 ديسمبر 2013 يقضي بنشر قوات أممية تعرف بقوات الميسكا MISCA مدعومة بالقوات الفرنسية المتواجدة في الميدان منذ اندلاع الحرب الأهلية الثالثة، ومن المنتظر أن يرسل الإتحاد الأوروبي 500 جندي إضافي لدعم عمليات إعادة السلم.
وقد حدد قرار مجلس الأمن للقوات الأممية الميسكا MISCA إثنى عشر شهرا، وحدد مهمتها الرسمية طبقا لنص القرار "بالعمل على وقف إفلاس النظام العام وغياب دولة القانون ووضع حد للمواجهات الطائفية"
وتبقى قوات السانغاريس SANGARIS الفرنسية التي يبلغ عددها 1600 جندي وقوات السلم الإفريقية وخاصة التشادية منها منتشرة في محاولة لإعادة ما تبقى من مؤسسات الدولة.
أما الآن وبعد أن توارى ظل الرئيس دجوتوديا بفعل الضغوط الخارجية أثناء قمة الرؤساء الأفارقة في اندجامينا فإن الأنظار تتجه إلى الرئيسة الجديدة. إنها حقوقية وعمدة سابقة لمدينة بانغي إلى تاريخ انتخابها على رأس جمهورية وسط إفريقيا.
كاترين سامبا هي إذا الرئيسة الجديدة لهذا البلد، وقد تم انتخابها يوم الاثنين 20 يناير 2014 من قبل المجلس الوطني الانتقالي لتحل محل سلفها ويتم تكليفها بمهمة قيادة المرحلة الانتقالية، وهي مرأة مصالحة ولها علاقات طيبة بالجميع سيليكا وآنتي بالاكا على حد سواء وينادونها الأم وتناديهم أبنائي.
أول تصريح للرئيسة الجديدة كان لإذاعة فرنسا الدولية وذكرت فيه أن الأولوية الرئيسة لها تتمثل في إعادة السلام للبلد، وقد تم تشكيل الحكومة التي ستتولى إدارة المرحلة الانتقالية والتي حدد لها 12 شهرا.
"إنني أجسد الأمل" تقول كاترين سامبا التي تراهن على دعم فرنسا و المجموعة الدولية لها لإنقاذ البلد.. فهل ستنجح هذه الرئيسة في إخماد نيران الحرب المشتعلة والحد من الفتنة الطائفية التي تقود وسط إفريقيا إلى شفير الهاوية؟؟
الأستاذ/ إيدوم عبد الجليل
باحث موريتاني ـ باريس
idoumab@yahoo.fr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق